سامي الجميل “مربَك”
بعدما قدّم أوراق إعتماده كناشط في ثورة 17 تشرين ولم يستسغه عدد لا يستهان به من مجموعاتها متهمين إياه بمحاولة استغلالها، يواصل رئيس “الكتائب” اللبنانية النائب المستقيل سامي الجميل السير بين الألغام وينعطف بحزب بعمر الـ86 عاماً – قد لا يحتمل ذلك وهو المثقل بثقافته الخاصة وبتاريخه – محاولاً كسب ثقة هذه المجموعات بما فيها اليسارية والعلمانية وربما كان ذلك على حساب العقيدة الكتائبية وهوية الحزب وتضحيات أجيال وأجيال منذ بيار الجميل الجد مروراً بأمين الأب وصولاً الى بيار الشقيق الشهيد مراهناً على ضعف ذاكرة اللبنانيين.
لذا شكلت الإشكالات المتنقلة مع المواكب السورية الرافعة لأعلام سوريا وصور رئيسها بشار الاسد والأناشيد المؤيدة له- خصوصاً في مناطق يطمح الجميل الى تحسين حجمه الانتخابي فيها – موضوعاً مربكاً له لأنه يريد التوفيق بين تأييد “الغضب” الذي اجتاح هذه المناطق وبين عدم التفريط بالجهود التي يبذلها لتغيير الصورة النمطية عن “الكتائب” وعدم خسارة ما يراكمه من ممارسات ومواقف من أجل كسب ودّ أكبر شريحة من مجموعات “17 تشرين” حتى تلك التي تؤيد سلاح “حزب الله” ومقاومته.
فالجميل لم يستبق يوم الانتخابات الرئاسية السورية بأي موقف كما فعل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ولم يعلّق على الاحداث بل إكتفى ببيان صادر عن حزب الكتائب. إلا أن إحراق مكتب اقليم الكتائب في طرابلس ليلاً، دفعه الى التغريد غامزاً من باب أن المنظومة السياسية تعمد الى توتير الاجواء لشد العصب الطائفي والعودة الى المربعات الطائفية.
مصادر مطلعة أشارت عبر “أحوال” الى وجود أمثلة كثيرة عن الإرباك والحيرة التي تخيّم على الجميل في مقاربته لأحداث عدة في المرحلة الاخيرة ومحاولة التنصل من مواقف وخطوات سابقة للكتائب أو عدم تسليط الضوء عليها، وأردفت: “أجدّها عند الاشكال الذي وقع مع السعودية جراء مواقف وزير الخارجية المستقيل شربل وهبي إذ تحاشى الجميل أن يقوم شخصياً بزيارة السفير السعودي تضامناً خوفاً من ردة فعل “الثوار” وتصنيفه في خانة القوى السياسية التي زارت دارته. لكنه إعتمد على ذهاب والده الرئيس السابق أمين الجميل للحفاظ على علاقات عائلته مع المملكة حيث أكد من دارة السفير “الامتنان والحب للمملكة والمحبة العميقة لجلالة الملك سلمان ولولي العهد”.
كما كشفت المصادر أنه عند وفاة النائب ميشال المر سأل أحد مساعدي الجميل اذ كان يريد إصدار بيان لنعيه، فأجاب الأخير ان “المر من رموز الفساد ونعيه بمثابة تغطية عن أعمال الراحل”. وسألت: “هل نسي الجميل أنه تحالف في عام ٢٠٠٩ مع المر في لائحة واحدة؟”.
كذلك لفتت المصادر الى أن التسوية الرئاسية تشكّل بدورها موضوعاً إرباكياً للجميل وأردفت: “إنه يتناسى دوماً أن قطار التسوية بدأ حين تخلى الحريري عن إنتخاب مرشح “14 اذار” ورشح النائب سليمان فرنجية وأنه تبادل الزيارات مع الاخير حيث ركب قطار التسوية مرتاحاً لهامش دوره في ظل وجود “القوات اللبنانية” خارجها وعمد الى “تعبيط” الحريري مراراً على المسرح في ذكرى ١٤ شباط ٢٠١٦ لاغاظة جعجع يومها. لكن الجميل يدرك في قرارة نفسه أن تناسيه للأمر لا ينطلي على مجموعات كثيرة تعرف جيداً ان هجومها الدائم على المنظومة بعد العام 2016 لا ينفي مشاركته بالسلطة وحصوله على 3 وزراء في حكومة تمام سلام”.
المصادر عادت بالذاكرة الى مرحلة حكومة الرئيس تمام سلام لتوصيف سياسة “الرجل بالبور والرجل بالفلاحة” اليت يعتمدها الجميل حيث كان وزراء “الكتائب” الثلاثة يجلسون على طاولة مجلس الوزراء فيما مصلحة الطلاب في “الحزب” تتظاهر مع مجموعات ضد ازمة النفايات، خلصت الى القول: “سامي الجميل “مربك” يشبه الحجل الذي أراد تقليد مشية الغراب ( نمط عمل المجتمع المدني) فلم يفلح ونسي مشيته (نمط العمل الحزبي)”.